dimanche 28 juin 2015

العراق مقبرة الدواعش ام محرقة الاقليات ؟ جلال خرمش خلف



العراق مقبرة الدواعش ام محرقة الاقليات ؟

جلال خرمش خلف
البعض من الاخوة الكتاب وكذلك ساسة البلد لا يحبون مصطلح ( اقليات ) و يؤكدون على مصطلح ( مكونات ) على اعتبار ان الجميع شركاء في هذا الوطن و لا فرق بين مكون او اخر وان مصطلح اقلية فيه غبن او اجحاف بحق من يطلق عليهم هذه التسمية , الا اني ارى ان مصطلح اقليات هو الاقرب الى الصحيح فكونهم اقلية فهذا يعني ان دورهم محدد وكذلك قيمتهم و مكانتهم وهذا هو الواقع وما متعامل به في كافة المجالات وعلى مختلف الاصعدة , فالسعي وراء وهم ان الجميع شركاء في الوطن يزيد من معاناة الاقليات ولا يمكن نكران ان في كل مجتمع او دولة هنالك مواطنون درجة اولى وهنالك مواطنون درجة ثانية كما يوجد مواطنون بلا درجة , فلا يمكن ان يتساوى ابناء الدرجات المختلفة مع بعضهم البعض في اي شيء , فهم اكثرية والاخرين اقلية , فبمعادلة بسيطة قد لا ينطبق على هذه الحالة كثيرا هي ان حقوق الاكثرية اكثر من حقوق الاقلية كون الاكثرية هم المكون الغالب فطبيعة الحال ان تأتي كل التشريعات و القوانين لصالحهم , ولان الاقلية هم المكون المغلوب على امرهم فمن الطبيعي ان لا تشرع القوانين حسب منظورهم او تراعي مصالحهم فتهدر حقوقهم و لا يتم انصافهم . عرف عن العراق تاريخيا بأنه مقبرة الغزاة و الاعداء وعرف عنه صموده القوي بوجه المخططات العدوانية فمعظم الجهات و القوى التي ارادت السيطرة على العراق و القضاء عليه قد فشلت في مساعيها بل كان العراق سببا في زوالها , وبقدر ما يتعلق الامر بالوضع الراهن وخاصة بعد ظهور تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) وبسط سيطرته على مناطق واسعة من العراق و سوريا , الكل يعول على ان العراق سيكون مقبرة لهذا التنظيم الارهابي وان نهايتهم ستكون على ارضيه مستمدين ذلك من تاريخ العراق و بطولاته , ولكن لننظر الى واقع الاقليات في العراق بعد اجتياح داعش لمناطق تواجد الاقليات فبعد دخول داعش الى مدينة الموصل اصبحت حياة المسيحيين على المحك و كاد ان يتم أبادتهم الا ان التنظيم وافق على خروجهم من المدينة شريطة ترك اموالهم و ممتلكاتهم و ما رافق ذلك من عمليات تصفية البعض منهم و قتلهم مما ادى الى هروب الكثير منهم الى خارج العراق , والحال كذلك بالنسبة للشبك الذين رغم كونهم مسلمين الا ان الدين لم يعد له ذلك الاهمية مع اختلاف المذهب فاستهدفهم التنظيم بالقتل والخطف واستحوذ الدواهش على اموالهم وممتلكاتهم بعد ان تركوا ديارهم هاربين من بطش مقاتلي الدولة الاسلامية , والحال كذلك للاخوة الكاكائيين الذين لم يسلموا من تهديدات و ارهاب الدواعش رغم كونهم اناس مسالمون و بعيدون كل البعد عن الاحداث السياسية فشملهم النزوح وتركو منازلهم ومناطقهم بحثا عن الامان , وحين دخل داعش مدينة تلعفر حتم على ابناءها التركمان من المذهب الشيعي ان ينجو بحياتهم و يتركوا ديارهم و يهربوا صوب مدينة سنجار ذات الاغلبية الايزيدية , تاركين اموالهم و ممتلكاتهم التي استباحها داعش ومن والاهم من سكان تلعفر و العشائر العربية الموالية لتنظيم داعش في المنطقة , هجر الجميع واستهدفوا من قبل داعش الذي قتل منهم الكثيرين ولكن حين هجموا مدينة سنجار واهلها الايزيدية جاءت الكوارث و المصائب ما فاق كل التصورات و الاحتمالات بحيث كانت حصة الايزيدية من الظلم والعدوان والتعسف والقتل والاختظاف حصة الاسد , نعم خسر الايزيدية كل اموالهم وممتلكاتهم كما دمرت بيوتهم بعد ان نهبت كل محتوياتها , خسروا كل ما جمعوه خلال سنين حياتهم في يوم واحد , الا ان ذلك لم يكن له اي قيمة بالمقارنة مع خسارتهم الكبرى والتي لا يمكن ان تعوض ابدا فما خسروه لا يقدر بثمن , فما اصاب الايزيدية من ظلم و عدوان لم يصب به اي اقلية اخرى في العراق والعالم فالضحايا كانت بالالاف والاسرى كانوا بالالاف بالاضافة الى سبي النساء وبيعهن في الاسواق تحت انظار المجتمع الدولي و الحكومة العراقية . نعم سيصبح العراق محرقة الدواعش ومقبرتهم ايضا ولكن بالنظر الى حجم الدمار الذي لحق و سيلحق بالاقليات من قتل و سبي و تهجير و تدمير مناطقهم توجب علينا ان نعيد النظر في الموضوع فالعراق اصبح محرقة للاقليات قبل ان يكون مقبرة للدواعش ففي النهاية الخاسر الاكبر في كل ما جرى هم ابناء الاقليات فقط .



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire