مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)
إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري
الحلقة (10)
أبناء علي تيلي
ذهبنا إلى ديوان الآغا، قال سعيد آغا:-
- أهلا وسهلا وعلى الرحب يا أفندي الصغير، تفضل أجلس هناك.
ذهبت وجلست في المكان الذي طلب مني الآغا الجلوس، وجلست على ركبتي، في الديوان كان سعيد آغا جالسا على منضدته، حمزة إبن مامد بك وأخرون كانوا يجلسون متفرقين في أماكن الجهلاء، لم أكن أعرفهم،أحدهم كان عمره ثلاثين أو أثنتان وثلاثين سنة، ثلاثتهم شباب بارزون، أسلحتهم كانت مازر روسية (يضعونها في السيارة) لكل واحد ثلاثة أسلحة، والعادة إما أن يعلقوا أسلحتهم أو يضعونها في أحد زوايا الغرفة، لكن هؤلاء كانوا يحتفظون بأسلحتهم بالقرب منهم على حائط الغرفة، وبدوا وكأن شيئا سيحدث، وخفت فجأة أن يحملوا الاسلحة ويبدأوا بالقتل، الكبار كانوا يتحدثون عن أحداث وقعت بهذه الطريقة، فحينما تكون الاسلحة بعيدة،والوصول اليها صعب فالعدو سيتمكن منك قبل أن تصل اليها، هنا كانت العداوات كثيرة، الجرائم والتهريب، وكنا نوصد الأبواب بسبعة أقفال.
بعدها علمت بأن الثلاثة كانوا أخوة، أبناء علي تيلي، بيته في أحدى قرى ابخي، والثلاثة كانوا فارين من الترك، وقد جاءوا إلى بيت سعيد آغا، ورجوه لأجل شيء ما، والآن سنعلم ما سيرجونه من سعيد آغا.
ملابسهم وأشكالهم إلى الآن بقت محفورة في ذاكرتي، لكنني نسيت أسمائهم.
سعيد آغا توجه إلى الشاب الثلاثيني وقال له:- حدثنا، لماذا فررتم من الترك،أي رسالة أبعثها إلى عمي؟
- قال الاخ الأكبر:- نعم،في يوم كنت أنا وأخي هذا - مد يده ليشيرالى أخيه الأوسط - لم نكن في البيت، لقد كنا في بيت أحد أعمامي، وكان لنا عمل عنده، وأخي الصغير بقي في البيت - مد يده ليشيرالى أخيه الأصغر.
- في ذلك اليوم جاء ضابط وستة جنود ترك إلى قريتنا، كان يجمعون الضرائب، في تلك السنة كان الآغا هو من أهتم بحصاد القرية، وكان يريد أن يجمعوا الضرائب بسرعة، ويسلمها لهم، أنتم تعلمون بأن الضرائب كثيرة في بلادنا، لكن لا يوجد في أيدي الفقراء المال، لا أعرف كم بيتا غنيا يوجد في القرية ولكن يفترض أن تكون الأموال عندهم، عند جماعتنا لا توجد اية أموال، ولهذا عليهم عدم التعرض لنا، واستدانة الاموال وأعطائها للحكومة.
الخلاصة، الضابط مع إبن الآغا كانوا ينادون على أهل القرية، واحدا- واحدا، كي يدفعوا ديونهم، وهكذا صاحوا جارنا بكر، وقال له (تعال وأدفع ديونك وضرائبك) . بكر كانت ديونه وضرائبه ثقيلة. محومختار القرية مرة طلب منه ان يذهب معه إلى ايلام ولكنه رفض، وعينة الضرائب أصبحت كثيرة عليه. الضابط قال له (يجب أن تدفع ديونك)، بكريقول (سيدي، لقد تعرضت للغبن، ضرائبي كثيرة جدا، ولااستطيع دفعها). الضابط يرد عليه (لم أتي إلى هنا كي أسجل الضريبة، لقد أتيت لأجمعها) بكر يقول (لدي أربع دواب، وبقرة وحضيرة، خذها كلها بدل الضريبة)، المختار محويقول:- حضرة الضابط حسبما أرى هذا غير عادل-ينظر إلى بكر ويضيف - أين هي بدل العمل الذي كنت تقوم به في الصيف للناس؟) بكر يقول (بدل العمل كله أخذته وأشتريت به المشط والصابون والملح، الملابس، كابل،الإبر وما إلى ذلك، النقود كلها ذهبت هكذا).
- سأقول لك يا آغا،الضابط قام بضرب بكربالسوط، ضربا كافرا، حتى أبقاه بين دمائه، والخلاصة، أوصلوه إلى الموت، ولا يتدخل أحد بينهم، أخي هذا يغضب بسرعة ولا يقبل الغبن بهذا الشكل،فقام بأمساك الضابط من ياقته،كي يخلص بكر من يده،لكن الضابط هذه المرة يترك بكر ويبدأ بضرب أخي بالسوط، وأخي طبعالا يتردد في سحب ساطوره من الخاصرة ويغرزها في بطن الضابط حتى قبضة الساطور ويبرمها في داخله وعندما سقط الضابط قام بضربه مرتين بالساطور على الأرض أيضا. البقية مع إبن الآغا يقومون بإمساك أخي، ويربطون يده من الخلف، عندها بكر صحيى قليلا، فتح عينه من الدماء، ورآى ما حدث، والسبب في هذا كله هو المختار محو، (صحيح أن بكر كان عاملا بسيطا، لكنه كان رجلا جيداً) فيسحب الساطور ويهجم على محو، وحتى يصل إليه الأخرون يقوم بضرب محوثلاثة ضربات في بطنه، ويمده بجانب الضابط، بعدها يقومون بالإمساك به ويضعون بكر بجانب أخي.
في تلك الأثناء بلغنا القرويين بما حدث، والجنود بدءوا بالتحريات، وعلينا ألا نذهب إلى القرية، ونأخذ الحيطة والتدابير، وقالوا أيضا بأن المسألة وصلت المركز أيضا كي يأتي أهل الحكومة. كنا نعلم بأن المركز بعيد، ولن يصل أهل الحكومة في هذا اليوم، لذلك فكرنا في البداية، بإنقاذ النساء والأطفال، كي لا يمسكوا من قبل الترك. ونبهنا وقلنا (عند مجيء الظلام علينا ترحيل العائلة، كي نرتاح من مغبة الإعتقال) حضرة الآغا، شكرا لأنك تعلم،أنها العشائرية، عند التوجه إلى أي عشيرة كالسمكة التي ترمي بنفسها في النهر، لا أحد يعلم أين ذهبت، لأن خيانة الشعب والتآمر غير موجودة بين العشائر، وإن وجدت لما كنا نستطيع الاختباء بينهم لمدة ثلاث سنوات،فنحن مطلوبين لدى الترك، ومتلصصين كل يوم في أحدى الأماكن والقرى، لكانوا أمسكوا بنا وكنا الآن في يد الترك.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire