مجزرة كوجو....(30)
الباحث/ داود مراد ختاري
ضيفونا لتناول الشاي، وأخبروا الدواعش عنا، فوقعنا في كماشتهم.
تحدثت الينا الناجية (س. ح 50 سنة) عن تصرفات الدواعش قائلةً:
بعد خروجنا من مدرسة (كوجو) حولونا الى مركز مدينة شنكال يوم الجمعة 15-8-2014، وأخذوا الاطفال من عمر سبع سنوات فما فوق وفي معهد شنكال أخذوا النساء الكبيرات في السن الى منطقة مرتفعة في الشمال الشرقي من المعهد وكانوا يستهزءون بنا ويقولون سوف نأخذ هذه النساء الى موقع فيه التكييف والتبريد، نحو جهة تل بنات، وبعض النسوة قالن سمعنا صوت العيارات النارية، وبعد ساعة عادوا الينا الدواعش الذين أخذوهن وأحدهم يحمل (ساطور) شعره طويل ولحيته مكتظة والانسان يخاف من ملامحه، فقلنا له: اين النسوة العجزة ؟ فرد قائلاً: والله لقد قتلناهن جميعاً.
فقلناه لماذا ؟ رد قائلاً: لقد ذبحنا جميع النسوة، علماً تقدر عددهن بأكثر من (70) إمرأة، وأكثرهن من مواليد الخمسينات والستينات، بعد أخذ أطفالهن منهن.
اما المتبقيات كانت الفتيات الغير المتزوجات والنساء حاملات الاطفال الصغار، وفي الليل جلبوا السيارات الكبيرة (باصات) قالوا لنا سنأخذكن الى جبل شنكال ،فقلنا اذا اتجهنا نحو الغرب سيتم ايصالنا الى الجبل، لكن حينما تحركت السيارات نحو الشرق أدركنا نحو متوجهين نحو تلعفر والموصل .
بقينا فترة في مدرسة الازاهير في تلعفر، كنا في حالة يرثى لها من الازدحام التي لا تطاق وقلة الاكل، ما نحصل من الاكل كنا نناوله لأطفالنا ونبقى جائعات، كنا نخاف على الاطفال من الموت نتيجة الجوع، الكبار يتحملون الجوع ولكن الصغار ليس باستطاعتهم التحمل.
أخذوا الاطفال من السن الثاني عشر فما فوق وبعد مرور (15) يوماً أعادوهم الينا، لقد حزنا عليهم، وقالوا بعد عودتهم أكدوا لنا الدواعش بأننا قتلنا أبويكم ولم يبقى لكم شيء من العائلة السابقة وأنتم الان أبناء الدولة الاسلامية وستدافعون عنها.
ثم حولونا الى القرى الشيعية (كسر المحراب، قيزل قيو) وعند الصعود في السيارات أخذوا الفتيات والنساء الجميلات الى الموصل، حينما وصلنا الى قرية (قيزل قيو) لم يكن معنا رجل بل كنا جميعاً نساء وأطفال.
اعتمدنا على المواد التموينية المخزونة للعوائل الشيعية في القرية، وبين فترة وأخرى يتم جمعنا في المدرسة ويأخذون بعض منا، ويتم التفتيش دائماً بحثاً عن الموبايلات والاموال، ومن مجموع (33) إمرأة مع الاطفال بقينا ثلاثة فقط، فحولونا الى قرية كسر المحراب ، ثم حولونا الى قاعة كلاكسي في الموصل، يأتون الدواعش لشراءنا ويتجولون بيننا لكنهم كانوا يقولون إنهن عجزة، قالوا لنا سنأخذكن الى قرية البعويزة (دور الشيعة)، لكنهم حولونا الى مزرعة في مدينة الرقة السورية ، بقينا (27) يوما، قصفتنا الطائرات، تم توزيعنا كل ست أو سبع نسوة مع أطفالها الى جهة معينة فحولونا الى مكتب شؤون الدولة في المدينة وأنزلونا في سردابها(كنا ست نساء مع أطفالنا –(هـ – ش – ر – ف - ش) في اليوم الثاني جاء ثلاث أشخاص أشتكينا لهم أمرنا، فقالوا لنا: غداً الساعة السابعة صباحاً سنخرجكن من هذا السرداب، لم نصدقهم ، وفعلا جاءوا في الموعد وصعدنا في السيارة، وتجولوا بنا من الساعة السابعة صباحاً الى الحادية عشر مساءاً في المدن (حلب – دير زور – سنوك) حاولوا بيعنا بالجملة لكن الناس رفضوا شراءنا وأخيراً طلبوا أسعاراً رخيصة ، لكن الناس كانوا يقولون لا نستطع عيشهن مع الأطفال، فعادونا ثانية الى السجن في الرقة، وفي الطريق أخذنا سكين من شخص، بقينا سبعة أيام فيها..
كان الحارس يأتي كل يوم مرة او مرتين يضع تحت باب السرداب طماطة وخيار داخل كيس نايلون ثم يذهب، كنا نعلم بالاوقات من خلال الاذان لأنها تفتقر الى الاضوية والنوافذ ، كنا نبكي وننوح دون فائدة تذكر، مشكلتنا الرئيسية القذارة في السرداب سابقاً فقد كان فيها نزلاء وقد تقيؤوا هناك ولم يتم تنظيف المكان بعدهم والتواليت تفتقر الى الماء نهائيا وأكثر الأحيان عاطلة نتيجة التكديس والأطفال الصغار يجلسون بجانبها عند الحاجة، لذا لايستطيع الحارس فتح الباب نتيجة الرائحة الكريهة جداً التي تفوح من السرداب فما بالنا نحن المقيميين فيه ليل نهار.
علمنا باوقات مجىء الحارس وانه غير متواجد في الحراسة دائماً، لذا حاولنا نحن النسوة بضرب البلوك الموجود في الشباك، كنت أنا الاقوى منهن وقد عملت في الفلاحة وبناء دارنا كثيراً وخلال ثلاثة أيام استطعت تحريك البلوك ورفعه، ومن خلال فتحة نزلت ابني (كان نحيفاً) الى الخارج وجلب لنا بعض القضايا التي نحن بحاجة لها لكسر الشباك البلاستيكي وساعدتني (رم) وخرجنا (أنا وش وهـ) لكن رم وش قالن : أطفالنا رضع ولا نستطع الهرب، بعد خروجنا طلبنا منهن بإطفاء المصباح ورجعت البلوك الى مكانه، وحينما يسألون عنا: قولوا كنا نائمات ولا نعلم عن كيفية خروجهن، قد يكون هناك مجموعة من رجالكم أخذوهن.
خرجنا ليلاً ولبسنا الخمار وسرنا في الشوارع والجو كان بارداً وملابسنا صيفية والأطفال يرتجفون برداً وصلنا الى النهر، دخلنا الى أسفل الجسر ، كان هناك دور قريبة منا ، قلنا للسيدة (هالة) ادخلي الى هذا الدار ، ثم نادت علينا، دخلنا الدار ونحن نرتجف برداً، تألمت ربة البيت لحالنا وقالت : سوف يأتي زوجي بعد قليل، وحينما جاء دخلنا عليه وقبلنا يديه كي يأوينا، أتصل بزوجته الثانية حول الامر، وحينما جاءت صرخت بوجوهنا (أنتن كفرة – لا رأفتاً للكفار- ليتعذبن – لا يمكن لأحد أن يرحمكن) قالت الزوجة الأولى سأجلب الشاي الى الاطفال وهم يرتجفون برداً، تشاورنا فيما بيننا كي نخرج من الدار، كان الجو بارداً ونحن على مقربة من النهر فقلنا لنشرب الشاي ثم نخرج وقد تتغير الاراء بعد تناول الشاي، في هذه الاثناء داهمتنا قوة داعشية وقالت الزوجة الثانية بكل وقاحة: أنا أتصلت بمقرات الدولة الاسلامية وقلت لضرتي (زوجة زوجي) أحضري الشاي لهن كي لا يهربن .
تم إحلنا الى القاضي في اليوم الثاني، طلب منا السمعة والطاعة ورفع المناديل عن الرأس، قلنا سمعاً وطاعاً ونزعنا مناديلنا .
قال القاضي: لماذا تودن الهروب من الدولة الاسلامية ؟
قلنا: تم سجننا في سرداب مظلم وقذر جداً ونموت جوعاً.
طلب القاضي منا بنزع الملابس والوقوف عاريات، رفضنا طلبه، وقلنا له ليأتي الحارس ويقتلن ، كرر طلبه وقال: هذا هو القانون حينما تهرب السبية من الدولة الاسلامية ويلقى القبض عليها لابد أن تحاكم وهي عارية من الملابس.
أخرجونا خارج الغرفة ، ثم أدخلونا مرة أخرى بعد استراحة نصف ساعة ، كرر القاضي أمره ، فقلنا له لا نستطع أن ننفذ أمرك مهما كانت العقوبة، وفي المرة الثالثة ناد علي لوحدي وقال القاضي : أريد منك أن تبيني لي جزء من صدرك فقط ، كي أقسم في الكتابة باني رأيت جسمها.
تم تحويلنا (أنا و هـ . م) الى مدرسة بينما (ش) الى مدرسة أخرى.
هربنا مرة أخرى والقي القبض علينا وقال مسؤول مقر المنطقة : لماذا تودن الهروب، قلنا له: نحن نبحث عن عمل لنا ولا نود الهروب.
طلب منا تنظيف المقر وغسل ملابس المقاتلين، بدأنا بتنظيف الغرف وبكيت، قال لي: لماذا تبكين ؟
- أخاف من ملامحكم وتصرفاتكم، فأقسم لنا بان لا نتعدى عليكن، وباعونا الى شخص (أعمى) بقينا لديه ثلاثة أيام ، وحولونا الى مدرسة وبعد بضعة أيام جاء شخص واشترى (هـ م) وآخر اشتراني بقيت خادمة لدى زوجته.
زارني (ابني 12 سنة ) لمدة ساعتين فقط وقال لي : نتدرب على السلاح في مدينة (سلوك) ونحرس ليلاً لكل واحد منا ساعتين . وأبني الكبير (15 سنة) لا أعلم عنه شيئاً، أما زوجي كان في مدرسة كوجو في الساعات الاولى عند التجمع في يوم الجمعة 15-8-2014 ومصيره مجهول.
جاء ابو ميسر المصري وأراد أن يأخذ ابني الصغير للتدريب (أنا سحبت يده وهو يسحب يده الثاني) قال لي : لو لم تتركين سأخلع ذراعه، لكني رفضت أن يأخذه.
في أحد الأيام قالت زوجته: زوجي سيبيعك الى مقر للدواعش وهو قريب من منزلنا والجميع هم شباب، وعليك تحمل المأساة، طلبت منها أن لايفعل ذلك، في اليوم الاخر صعدني في السيارة وتجول بي في القرى كإني (بقرة) وأراد أن يبيعني، حينما كان يأتي المشتري ويراني مع الأطفال يرفض أن يدفع أية مبلغ يذكر، قال له شخص : سأعطيك فتاة مسلمة كي تتزوجها مقابل هذه المرأة مع أطفالها، رفض طلبه قائلاً: أريد بيعها مقابل مبلغ مالي.
طلبت منه بعدم بيعي وسأخدم عائلتك ليل نهار، وعند المساء عدنا دون أن يشتريني أحد.
ونظراً لدواعي أمنية سأكتب لاحقاً (في المستقبل) عن كيفية وصولها الى بر الامان.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire