vendredi 26 juin 2015

حقيقة نشوء القارات في القرآن



عند مطالعة نظريات نشوء الأرض ودراستها والتعمق بها نجد بأن جميع علماء طبقات الأرض والمختصين بهذا المجال مختلفين بشأن التصور المنطقي لنشوء القارات على الأرض خصوصاً وأنَّ هُناك حقائق ملموسة لا يمكن التشكيك بها ألا وهي مرجعية جميع المخلوقات دون إستثناء في تلك القارات سواء كانت بشرية أم حيوانية أو نباتية إلى أصل واحد ، بل أنَّ التشابه في المكونات الأساسية للطبقات الأرضية في جميع القارات يدعونا كذلك إلى الجزم من كون تلك المناطق الشاسعة والواسعة إنما نشأت من منطقة واحدة والذي بدوره قد نشأ من بركان واحد عظيم ثمَّ توسع .
وهذا التشابه في المكونات المعدنية للطبقات الأرضية مع توحد المرجعيات الخاصة بالكائنات العضوية كالبشر والحيوان والنباتات وغيرها لا بُدَّ أن يقودنا ومن دون شك إلى حقيقة كون جميع المخلوقات وجميع المكونات الأرضية إنما تعود في مجملها إلى كونها كانت مجتمعة في مساحة محدودة وضيقة مقارنتاً مع المساحات الواسعة والشاسعة والمتباعدة الأطراف لليابسة المحيطة بنا في الوقت الحاضر والتي تتواجد بها المخلوقات بشكل عام .
ومع تنوع النظريات الخاصة بنشوء القارات إلا إنها لم تتفق على شيء سوى إتفاقها على ضرورة وجود حدث عظيم وفريد وجبَّار قد ألمَّ بسطح الأرض ، وهو بالقوة والفرادة بمكان بحيث إستطاع أن يحمل جميع طبقات الأرض رغم وزنها الهائل فيجزئها ويباعدها عن بعضها البعض حاملاً معها جميع الكائنات الحية المتواجدة على هذهِ البقعة من الأرض أو تلك لينقلها إلى مكان آخر وأجواء أخرى فتكسبها الطبيعةالجديدة والمحيط الجديد هُناك مميزات خاصة وذلك حتى تتمكن من البقاء والعيش في ذلك المكان وفي تلك الأجواء الحديثة .

وعندما نبحث عن ذلك الحدث العظيم في تاريخ البشرية المعروف لدينا نجد بأن جميع الشعوب والحضارات والعديد من الأديان قد إتفقت على حدوث أمر جيولوجي عظيم أو وهو الطوفان ، ومع الإختلاف في وصف هذا الحدث وتفسيره فإننا وفي مضمار بحثنا عن حقائق الأشياء لا يسعنى سوى الإعتماد على ما هو مصدر حقيقي وواقعي وذو مصداقية أكيدة في وصف الأحداث المهمة التي عاشتها البشرية منذ أول وجود لها على الأرض ، وهذا المصدر هو القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، حيث جاء قولهُ تعالى في سورة نوح : وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49).
عند مراجعتنا لهذهِ الآية الكريمة نفهم بأن جميع مخلوقات الأرض العضوية قد تمَّ حملها بسفينة نوح عليهِ السلام لقولهِ تعالى : حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) ، وهذا الأمر لا يمكن حدوثه أو تصوره إلا عندما نبحث عن أصل كل مخلوق وكل سلالة ، حيث من المعروف والمثبت علمياً بأن المخلوقات المحيطة بنا ما هي إلا عبارة عن سلالات ، كسلالة القطط التي تظم الأسود بحجمها الكبير إلى القطط بحجمها الصغير ، وسلالة الكلاب وسلالة الفيلة وهكذا ...، ومن هُنا يتضح لنا وكما هو مُثبت علمياً بأن الأرض كانت مغطات بالماء لقولهِ تعالى في سورة هود : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)، ثُمَّ خرج بركان عظيم من تحت الماء ليكون عرش الله أي ملكهُ على الأرض ، ومكان ذلك العرش في مكة المكرمة حيث الأرض البركانية بإمتياز وفيها نجد بيت الله الحرام الذي يُمثل عرش الله على الأرض ، حيث جاء قوله تعالى في سورة آل عمران : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) ، فكونهُ أول بيت وضع للناس فهذا يدُل على أنَّهُ أول بنيان قائم شاهده الناس في أول الزمان ، ومن ذلك المكان بدأ خلق الله للكائنات الحية على الأرض حيث من المُثبت علمياً بأن الأرض المحيطة بمكة إنما كانت أرض مليئة بالمخلوقات الحية وبكثافة عالية مما يُفسِّر وجود النفط الخام بكميات كبيرة هُناك ، ثُم حصر الخالق سُبحانه المخلوقات المُراد بقائها في مٌحيط سيدنا نوح عليهِ السلام ، وعندما جاء أمر الله أخذ نوح عليهِ السلام السلالات المختارة من المخلوقات المحيطة بهِ لقولهِ تعالى : حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)، فحملها في الفلك المشحون ، وبعد أن تمَّ الأمر جاء أمر الخالق سُبحانهُ وتعالى : قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) ، وبما أنَّ الخالق سُبحانهُ وتعالى قد بارك على الأمم التي كانت مع نوح عليه السلام وهذا يشمل البشر وجميع السلالات المتواجدة في السفينة ، فبهذهِ البركة قد تكاثرت وإنتشرت وتناسلت وتغيرت بالصورة التي تتأقلم بها مع محيطها الجديد ، وبعد فترة من الزمن وبما أنَّ محيط اليابسة قد تمَّ رفعهُ وتحريكه بالطوفان الجبَّار فحتى تستقر الأرض تشققت من محيط إستقرار السفينة لقولهِ تعالى : وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) ، فبما أنَّ الأرض قد إبتلعت كميات الماء الهائلة فهذا يعني بأنها أي المصطحات والطبقات الأرضية كانت غير مستقرة لكونها محمولة على الماء الذي إبتلعتهُ ، وقوله سبحانهُ إستوت على الجودي إنما يعني إنها وفي نهاية الأمر سوف تستقر وتستوي لتكون القارات المتباعدة منها والقريبة والمعروفة لدينا حالياً وهذا الأمر إنما حدث بعدما تكاثر الناس وتنقلت المخلوقات فحملت كل قطعة أرض ما عليها من مخلوقات قد بارك الله فيها والتي كانت من سلالة المخلوقات التي حملت على الفلك المشحون ، وهُنا قد ختمَّ الله سبحانهُ وتعالى ذلك الأمر العظيم وهذا الشأن الكبير بقولهِ تعالى : تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) . صدق الله العظيم

محمد "محمد سليم" الكاظمي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire