التسامح الديني مابعد قدوم داعش ..... رؤية ايزيدية
التحرير: حسو هورمي
تحية عذبة
سيدي الرئيس اعزائي الحضور في البدء أقدم جزيل الشكر للقائمين على هذه الفعالية الحوارية وأرجو أن تكون ورقة عملي محل رضاكم.
وهنا إسمحوا لنا بهذه المناسبة إدانة إستهداف ، الأيزيديون و المسيحيين والشبك والتركمان والصابئة وكافة الاقليات وشجب كل أعمال التعصب والتطرف والعنف التي تستهدف حياتهم كبشر أو معتقداتهم دور عباداتهم وتهجيرهم وتشريدهم واستنكار كافة اعمال داعش والمجموعات الارهابية المماثلة من خطف وقتل وسبي وتهجير الاقليات.
إنَّ إرهاب مكونات الوطن بجميع أطيافه من منطلق ديني او سياسي يمثل تهديدا خطيرا لأمن المنطقة واستقرارها ، ويسيء إلى ثقافتها وتاريخها وحضارتها، ونحن هنا نلفت النظر إلى خطورة هذا التوجّه الذي تحاول قوى التطرف والإستبداد والعنف تعميمه على أكثر من مكان في المنطقة في محاولة لإفراغها من حيوية التعدّد والتّنوع الذي تميّز بها.
عود على بدء ……..…
تعريف مبدأ التسامح
التسامح كلمة منتشرة تستخدم للإشارة إلى الممارسات الجماعية أو الفردية تقضي بنبذ التطرف أو ملاحقة كل من يعتقد أو يتصرف بطريقة مخالفة قد لا يوافق عليها المرء والتسامح هو نقيض التعصب والتشدد و هو ترسيخ التعايش بين اتباع الأديان من ممارسة الشعائر الدينية بكل حرية والعيش المشترك والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري اي قبول اختلاف الآخرين كما هم وعدم منع الآخرين من أن يكونوا آخرين أو إكراههم على التخلي عن آخريتهم ،نعم) التسامح( فهو فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية لتاسيس جو من الإخاء وبناء مناخ التعايش السلمي ضمن محيط معين
اهم قيم التسامح الديني
كما هو معروف ان للتسامح الديني أو التسامح الشامل له قيم على أساسها يبنى وفي خضمها يحقق غايته و من هذه القيم :
1- العدالة الاجتماعية
2- المساواة في الأخوة الإنسانية
3-التعاون والاعتماد المتبادل
4-الثقة المتبادلة بين اطياف الشعب
5- الحرية بكافة تجلياتها
6- دستور علماني وقوانين ليبرالية
ياترى اي من النقاط اعلاه موجودة في جغرافية العراق الثقافية السياسية الدينية والجمعوية ؟
نظرة تفاؤلية ..... التسامح في العراق
هناك الكثير من القواسم المشتركة والتى هي بمثابة أرضية راسخة تستند عليها التسامح الديني في البناء والدعوة الى نشر قيم المحبة والألفة بين أبناء الوطن الواحد، ونبذ العنف والتطرف وضرورة نشر قيم المحبة والسلام وتحكيم العقل والدعوة إلى إصلاح ذات البين للوصول الى قمة الانتماء والوعي بالمسؤلية لاعتبار العراق كأمانة في رقبة الجميع بل تاج على رؤوس الاغنياء قبل الفقراء والسعي الى اللارتقاء به الى العلو حينئذ يشعر الجميع بروح المواطنة العالية والانتماء الكبير في ظل المساواة والعدل وحكم القانون هنا تبدأ عملية غرس حب الانتماء للمجتمع الذي يعيش فيه ، في عقلية الجيل الواعد .
إرساء قواعد التسامح
]كي تتمكن الدولة في إرساء قواعد التسامح وتطبيق شروطه نحتاج الى
اولاَ: تشريع قانون يراعي شروط التسامح وفق المعايير التي تضمنتها الصكوك الدولية.
ثانياً: نشر ثقافة التسامح بين شرائح المجتمع من خلال التربية والتعليم .
ثالثاً: اننا من الصعب جدا ان نتصور كيفية تطبيق التسامح في المجتمع دون ممارسته وهنا نلجئ الى اليات تفيذية للسلطات (الحكومية ،العشائرية والدينية) .
رابعا: تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والجامعة والاعلام .
خامساً: تفعيل دور المرأة كونها نصف المجتمع وتربي النصف الاخر.
التسامح .....مسؤليات
:1مسؤولية الدولة العراقية بجميع مؤسساتها في الحفاظ على التسامح ومبادئه من خلال اليات دستورية وقانونية لتأمين حقوق المواطنة للاقليات وتوفر لهم حياة كريمة.
:2مسؤلية منظمات المجتمع المدني في تكريس مبادئ التسامح ونشر ثقافة السلم من خلال الاوعية الاعلامية والوسائل التثقيفية
:3مسؤلية المؤسسات الدينية في الابتعاد عن الخطاب الديني التحريضي الطائفي والتركيز على العيش المشترك والتأخي والمساهة في التقريب بين اتباع الاديان
4 :مسؤلية المجتمع الدولي بجميع هيئاتها في الاعتماد على الإجراء الوقائي المبكر للحفاظ على الهويات الثقافية والدينية المتمثلة في الاقليات.
الحقيقة المرة
حسب تقارير موثقة صدرت عن الأمم المتحدة بشأن العراق ومنطمات دولية رصينة تشير الى انتهاكات داعش الواسعة الانتشار التي تشمل القتل والتعذيب والاغتصاب والعبودية الجنسية والإكراه على تغيير الدين وتجنيد الأطفال وجميع هذه الانتهاكات شملت قصصا مروعة،طبعا هذه القصص ستبقى عالقة في اذهان الايزيدية والاقليات الاخرى لاجيال وتكون معوقا اساسيا في طريق نشر ثقافة التسامح الديني .
كما دمرت داعش التاريخ الثقافي والارث الحضاري المشترك للاقليات باسم شريعة الله ضمن منظور سلفي متشدد يعتمده فقهاء داعش ، وبعد ان قامت هذه المجموعات الارهابية بتصنيف المجتمعات المتآخية في سنجار وسهل نينوى على اساس الدين والطائفة وتسعى بشتى السبل للتفريق بينهم في القصاص فمنهم من تقتلهم مباشرة ومنهم من تمهلهم حتى يغادروا بيوتهم ومدنهم ومنهم من تهددهم باعتناق الاسلام او تقتلهم بأنتقائية ،وكل هذه الممارسات الاجرامية قامت بها عصابات داعش بأسم الدين الاسلامي .
وهنا انا اشاطر الدكتورة عامرة البلداوي في استفسارها هل يمكن الحديث عن تعايش مجتمعي وتسامح ديني وسلم اهلي ؟؟ وهناك من يقتل ويذبح ويحرق ويغتصب النساء ويأسرهن ويبيعهن جواري في اسواق النخاسة في الموصل والرقة بأسم الدين وبأسم الاسلام؟ .
ذكرت المجموعة الدولية لحقوق الاقليات أن غياب التسامح الديني أصبح أحد الأسباب الرئيسية وراء اضطهاد الاقليات الدينية في العراق من المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين والبهائيين الذين أضحوا هدفا للعنف المنظم بما في ذلك القتل والاختطاف والاغتصاب وسلب الممتلكات والتهجير،فهدف الدولة الاسلامية في العراق والشام ثم لاحقا – الدولة الاسلامية –هو تفريغ المنطقة من الاقليات وهم الساكنة الاصيلة .
بهذا الصدد يقول الباحث خدر دوملي المتخصص في شؤون الاقليات (بسيطرة داعش على اكثر من 70% من مناطق الاقليات في العراق تغيرت الخريطة السياسية والجغرافية للاقليات واصبحت الخسائر كبيرة، يصعب عودة الالاف الى مناطقهم دون توفر حماية ودون تنمية ودون العمل على بناء الثقة والمصالحة بين مكونات المنطقة المختلفة، تغير خارطة الاقليات السياسية اصابه الضرر الكبير، وتغير خارطة العلاقة بين المواطنين الذين تركوا مناطق سكناهم وبين من بقي هناك،،، الاف النساء والاطفال والرجال الايزيدية لايزالوا بيد داعش في الموصل ومناطق اخرى...) اذن هناك خيبة امل كبيرة تلازم الكورد الايزيديين من السلطة الحكومية والعشائرية وهم اي” الاقلية الايزيدية” الان نازحين بنسبة 85% ويعيشون في مخيمات يحيط بها فقدان الثقة بالاخر وضياع الانتماء والتشتت الفكري والتشظي في القرار وبما ان اغلبهم يعيشون في أجواء مليئة بالشك الناتج عن عدم الثقة في الاخرين وهي حالة طبيعية تنتج عن الجينوسايد وهذا حتما يؤثر في حياتهم وطريقة تفكيرهم و تعاملهم مع المجنمع ،لذا يلاحظ بان نزيف الهجرة بدأ يمزق جسد المجتمع الايزيدي وهم يرفعون يافطة كبيرة كتب عليها (الايزيديون مشروع قتل طالما بقوا في العراق) والشعار السائد هو الهجرة الجماعية او الحماية الدولية .....في خضم هذا الجو التشاؤمي تتضائل مناقشة فكرة مشروع التسامح الديني ايزيدياً ولكن هذا لايعني عدم السعي والعمل عن حلول ناجعة لبناء التعايش السلمي والذي هو هدف استراتيجي وواقع معاش وليس مجرد خيار .
الاقليات أمام أفق مسدود
تظهر هجمات داعش على الاقليات في سوريا والعراق أن المواطنين المسيحيين والايزيديين والشبك والتركمان يواجهون مستقبلا غامضا في الشرق الأوسط. ففي دولة يعد الدين فيها مكونا أساسيا من مكونات الحياة حتما سينتج الفكر الاحادي التوجه والذي هو فكر الغلو والتشدد والكراهية ، والذي تحول إلى سلوك عدوان مبني على اساس ترويع المجتمع واستهداف الآمنين من المدنيين الأبرياء لا لشئ سوى انهم يعتنقون عقيدة مختلفة.
امل الاقليات هو الديمقراطية
ترسيخ مبدء التسامح سيساهم بجدية في تكريس الأطر الديمقراطية التي بالنهاية تخدم الاقليات وتؤمن لهم الحرية في التمسك بقناعتهم مع قبولهم لقناعات الآخرين طبعا بعد ان تصبح ممارسة فردانية وجمعوية من جهة ورسمية من قبل الدولة من جهة اخرى لتنهض بالمسؤولية الاخلاقية في تدعيم حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية وحكم القانون والغاء التمييز بسب اللون أو الجنس او المعتقد وتعميق مبدأ قبول الآخر باختلافه وتباينه.
كون قيمة التسامح في ضرورة حياتية فعلى الجميع العمل الجاد في تشجيع التسامح والاحترام المتبادل والحوار المثمر بين مختلف الديانات والثقافات لانه هو المخرج الوحيد نحو بناء مجتمع ديموقراطي بشرط أن يلعب الجميع دورهم الجاد في تفعيل حوار الاديان ونشر ثقافة التسامح والاخاء بين كافة المكونات في العراق والسعي للوصول إلى ثوابت تحكم الحوار فالوطن قارب يتسع للجميع وفطعاً ان لم ينمو ثقافة التسامح الديني لا يصبح هناك أمل في ترسيخ الديمقراطية، فالعلاقات الطيبة بين الديانات والمعتقدات ضرورية لبناء مجتمع صحي ديمقراطي ومستقر، لكن شريطة المساواة أمام القانون والحماية من العنف الناجم عن الاستبداد.
سيدي الرئيس ......أنا آسف إذا كنت قد ظهرتُ متشائمًا في افكاري وعاطفيا في طروحاتي
و شكرا لسعة صدركم وآسف على الإطالة
ملحوظة : القيت هذه المحاضرة بتاريخ 19 يونيو/ حزيران 2015 في الندوة الحوارية بعنوان (حقوق الانسان في العراق والتسامح الديني ) التي اقامتها مؤسسة الحكيم الدولية بالتنسيق مع والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري والجمعيه الايزيديه الاجتماعيه الخيريه في العراق وذلك بالتزامن مع انعقاد مجلس حقوق الإنسان، الدورة التاسعة والعشرون - في قصر الامم المتحدة - جنيف .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire